نشرت جريدة الوطن تحقيقًا بعنوان «ذوو الهمم» فى زمن فيروس «كورونا»: أحلامنا بتكبر، وقد أبرز التحقيق دور مراكز كلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس لرعاية ذوى الاحتياجات، حيث جاء فيه: وحدات علاجية متخصصة، تعمل كخلية نحل، بها نخبة من المتخصصين كل على حسب طبيعة الوحدة العلاجية التى يعمل بها، تستقبل «ذوى الهمم»، سواء مَن يعانى من مشكلات عديدة فى الحركة أو النطق أو التوحد أو غيرها من الإعاقات التى تحول دون دمجهم مع الأصحاء، وهو دور أول مركز متخصص على مستوى الجامعات، لرعاية ذوى الاحتياجات بكلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس.
الدكتورة هويدا الجبالى، عميدة كلية الدراسات العليا للطفولة، ورئيسة مجلس إدارة المركز، تشرح آلية العمل فيه: «يأتى الطفل من ذوى الهمم بداية من سن شهر حتى 18 عاماً، يخضع لكشف طبى يفسر نوعية الإعاقة التى أصابته أو وُلد بها، وعلى أساس هذا الكشف يتم تسليمه إلى الوحدة المناسبة لذلك، خاصة أن المركز يشمل 33 وحدة متخصصة فى التخاطب والحركة والقراءة والجوانب النفسية، فقبل جائحة كورونا، كان المركز يستقبل 600 طفل، إلا أن الجائحة فرضت تقليل الأعداد، مثل مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، فأصبح يشمل 150 طفلاً»
الهدف الأساسي من المركز هو تقديم كافة الخدمات العلاجية لذوى الهمم فى مكان واحد، لذلك يشمل 33 وحدة علاجية فى مختلف التخصصات، وفقاً لحديث «هويدا» لـ«الوطن»، قائلة إن المركز يهدف إلى تقديم خدمة علاجية متكاملة لذوي الهمم فى مكان واحد مراعاة لظروفهم، ففى البداية يقصد ولى الأمر المركز، ويخضع لكشف طبي للوقوف على نوعية إعاقة طفله، سواء ذهنية أو حركية أو عصبية، فالمركز يشمل كل هذه الوحدات.
وأضافت «هويدا»: عيادة الأعصاب، على سبيل المثال، تشمل مجموعة من الجلسات التأهيلية التى يخضع لها الطفل بعد الكشف الطبي، وفى حالة وجود إعاقة ذهنية يتم تحويله إلى الطب النفسي ومنحه برنامجاً له ولعائلته لمدة 3 شهور، فضلاً عن عيادات متخصصة فى التخاطب والسمعيات وتعديل السلوك وتنمية المهارات، فكلها تساعد الطفل على الاندماج مع الآخرين فى الحياة الطبيعية.
وحدات أخرى مستحدثة كان أبرزها وحدة متخصصة تحت اسم «التكامل الحسي»، وهى أول غرفة على مستوى الجامعات: «تعمل على متابعة النمو الحركى التطورى للطفل، حيث نعلم الطفل الأبعاد والاتجاهات والاتزان»
حالات صعبة استعصى علاجها بالخارج واستقبلها المركز محاولاً إدماجها فى المجتمع، رافضاً أن يقف مكتوف اليدين، خاصة الحالات التى لم تحظ بتحسن على مدار 10 سنوات: «نستقبل حالات تعانى من إعاقات شديدة لم تتحسن على مدار 10 سنوات، لذلك تم إنشاء وحدة متخصصة لاستقبالها، تسمى (التأهيل المهنى للأطفال)، للذين تجاوزوا المدة، وتعمل هذه الوحدة على تعليمهم صناعة معينة مثل صناعة الصابون والطباعة على المجّات والتيشرتات»، لافتة إلى أن الوحدة تقدم جلسات التخاطب مقابل 20 جنيهاً، فالهدف هو خدمة الفئات الأشد احتياجاً فى المجتمع.
ولم يغفل المركز، بكلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، أهمية «الطب النفسى»، بل أفرد له وحدة كاملة تضم عدداً من الوحدات المتخصصة، أبرزها وحدات المهارات الاجتماعية والعلاج بالتحليل النفسى والتكامل الحسي وعلاج عُسر القراءة والكتابة والمهارات الاجتماعية والأنشطة الإثرائية، وهو ما وضحته الدكتورة منال عمر، رئيسة وحدات الطب النفسى: «كل هذه الوحدات تسمى العيادات الخارجية وتشمل جميع المراحل العلاجية التي يمر بها الطفل، فبعد الكشف الأوّلى الذى يخضع له يتم تحويله على العيادة التى تناسب إعاقته ويتم فتح ملف يشمل كافة البيانات الدقيقة عنه من حيث تاريخ دخوله المركز وتاريخ الحمل والوقوف على التغير الذى حدث له، سواء فى فترة الحمل أو بعد الولادة، كما يقدم الملف تفاصيل دقيقة عن حالة الطفل وأى عيادة يجب تحويله إليها وأى نوعية علاج يحتاجها، سواء علاج طبيعى أو توافق حسى وحركى، أيضاً تشمل قياس اختبار الذكاء ومعرفة قدرات الطفل العقلية، لافتة إلى أنه بعد مرور 6 شهور من دخول الطفل هذه الوحدات، وحدوث تطور ملحوظ فى حياة الطفل، يتم دمجه فى المدارس للحصول على فرصة تعليمية مثل الآخرين».
تضيف «منال»: «نجحنا فى وضع تقرير مفصَّل كبير عن أطفال هذه الوحدات، ساعد فى موافقة وزارة التربية والتعليم على عقد لجنة خاصة فى الامتحانات لهؤلاء الطلاب، فيه طلبة مش بتعرف تمسك القلم بس ذاكرتها حلوة»
ومن أكثر الوحدات المتداخلة مع الأطفال، كانت وحدة «رعاية الذات» وهى الوحدة التى تتعلق بالمهارات الحياتية للأطفال، وخاصة فيما يتعلق بالمأكل والمشرب والملبس، بحسب «أميرة عمر»، رئيس الوحدة: «الطفل بييجى عنده 3 سنوات بيعانى من مشكلات فى الأكل والشرب واللبس يعنى أمور حياة مستقلة، ويتم عمل تقييم ذكاء له، ثم معرفة تفاصيل أكثر عن أسرته، وعلى أساس كل هذه الخطوات يتم البدء فى الجلسات، والتى يكون فيها ولىّ الأمر شريكاً أساسياً، ويتم توجيه ولى الأمر فى كيفية التعامل مع الطفل واستكمال برنامج العلاج معه فى المنزل لأن وجوده فى الوحدة يكون مرة فى كل أسبوع لمدة نصف ساعة»
تُعتبر أصعب حالات تتردد على هذه الوحدة هى حالات الأطفال أصحاب النشاط الزائد، فتؤكد «عمر» لـ«الوطن» أن هذه الحالات تحتاج إلى مزيد من الجهد من ولى الأمر والمتخصص القائم على الجلسة والذى يجب أن يتحلى بالصبر دائماً، موضحة أن الوحدة تعلم الطفل كيفية الاعتماد على النفس فى مسك الملعقة وتسريح الشعر إلى أن يتم تأهيله للالتحاق بإحدى المدارس، لافتة إلى أن الجلسة مرة كل أسبوع وهناك بعض الأطفال يحتاجون جلسة كل أسبوعين أو كل شهر فالأمر متوقف على طبيعة الحالة نفسها.
وتقول الدكتورة هيام عزام، استشارى الصحة النفسية والتربية الخاصة، إن وحدة الإرشاد النفسي والأسري من أهم الوحدات فى المركز، لأنها تتعامل مع الأسرة بوجه عام والطفل أيضاً، خاصة أنها تعتمد في تشخصيها للطفل على طبيعة العلاقة بين الزوجين وأوجه التفاهم بينهما للتغلب على ما يعانى منه الطفل، خاصة المشكلات السلوكية، حيث يتم توضيح طبيعة الإعاقة وكيفية التعامل معها وكيفية تنمية جوانب النمو لدى الطفل.